• ٢٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٢٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

العراق في ظل التقارب السعودي والتخوف الإيراني

علي مراد العبادي

العراق في ظل التقارب السعودي والتخوف الإيراني

بعد أن تولى السيِّد حيدر العبادي رئاسة الحكومة للمدة من 2014 إلى 2018 شرع إلى اتّباع سياسة انفتاح العراق على محيطه العربي والإقليمي، وسعى لتعبيد الطريق في مسير علاقات العراق مع بعض الدول العربية بعد قطيعة طويلة شابها خلافات عدة لا سيّما مع السعودية في أعقاب تقاذف التهم ما بين البلدين بتهم تتعلق بدعم الإرهاب في العراق وإطلاق فتاوى التكفير والسماح لتوافد إرهابيين.

 في حين كانت السعودية ترى في العراق تابعاً ومتأثراً وينفّذ أجندة طهران في معاداة المملكة والتحاقه بمشروع الهلال الشيعي الإيراني العراقي السوري اللبناني، إضافة إلى دعم بعض الحركات الشيعية في السعودية والبحرين وبقية دول الخليج، إلّا أنّ تلك الرؤيا ما بين الطرفين قد جرى تجاوزها بعد تبادل الزيارات الرسمية وإيجاد فرص للتعاون وإهداء العراق مدينة رياضية تعزم السعودية انشائها في بغداد تحت مسمى مدينة الملك سلمان الرياضية.

هذا التقارب قد تحوّل من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ وهو ما شهدناه مؤخراً من زيارة وفد رسمي سعودي ضم قرابة 100 شخصية رفيعة المستوى من مختلف الشخصيات التقوا خلالها بالرئاسات الثلاث، فضلاً عن افتتاح قنصلية سعودية في بغداد والاتفاق على فتح ثلاث قنصليات أُخرى في مدن عدة من العراق لتعزيز التعاون وتقديم التسهيلات لمواطني البلدين، أيضاً جرى الاتفاق على فتح معبر عرعر البري ما بين البلدين إضافة إلى عرض العراق لأكثر من 186 فرصة استثمارية أمام الوفد السعودي، في مقابل ذلك أجرى السيِّد رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي زيارات إقليمية وعربية شملت كلّ من إيران والسعودية لتعزيز ذلك التعاون وتأطيره بالأُطر الرسمية.

ويبقى السؤال هنا هل يتمكن العراق من مسك العصا من الوسط وإيجاد موازنة ما بين إيران والسعودية؟

العراق ذو التأريخ الطويل والبُنية الثقافية والاجتماعية الريادية على مستوى المنطقة العربية قادر على إعادة مكانته في القضايا العربية الشاملة ودوره المحوري الذي ينطلق من موقعه ودوره المهم، لذلك وبالرغم من صعوبة الموقف باعتبار أنّ العرب ابتعدوا طيلة السنوات السابقة عن إيجاد أرضية مناسبة لإعادة العراق لحضنه العربي، كما ولا ينكر متانة علاقة العراق بإيران والتداخل الاقتصادي والسياسي والديني معها، لذلك هناك أشخاص متضررون من هذا التقارب ووجود ماكنات إعلامية تتبع لجهات متنفذة تعمل جهاراً نهاراً لأثارة الخلاف مجدداً وإظهار الجانب المظلم من تلك السياسة وتعزف على الوتر الطائفي، إلّا أنّ العراق وبما هو موجود اليوم من معطيات فإنّه قد يمضي في الإبقاء على سياسة الحياد والابتعاد عن سياسة المحاور إلّا أنّ الأمر يحتاج لتضافر الجهود وحنكة سياسية واتّباع خطوات تراكمية لتعزيز ذلك الموقف عبر التالي:

1- الجميع يعرف أنّ إيران اليوم تمر بصعوبات جمّة جراء الحصار الأمريكي، والعراق بوابتها الكبرى لتجاوز مشاكلها أو التقليل من شدّتها، وهنا على صانع القرار العراقي التحرك لإجراء مفاوضات جديدة وتعديل بعض الاتفاقيات القائمة، ومنع جميع إشكال التدخل في شؤونه الداخلية.

2- الضغط على بعض الجماعات التي هي خارج سلطة الدولة وتتبع لجهات خارجية بضرورة خضوعها للقانون أو دمجها تحت أُطر الدولة أو اتّخاذ الإجراءات الوقائية الحازمة بحقّها.

3- محاسبة وسائل الإعلام المثيرة للأزمات أو التي تنشر ما من شأنها إحياء التوتر أو تسعى لتهديم علاقات العراق سواء مع إيران أو السعودية.

4- استثمار التقارب مع السعودية لإعادة البناء والإعمار بما يحقّق طموح المواطن لا أن تحال لجهات وشركات تحوم حولها شبهات الفساد.

5- مغادرة كلّ ما من شأنه تعكير ذلك التقارب على أن يبقى العراق بعيداً عن الإملاءات الخارجية ومن أي طرف كان.

ارسال التعليق

Top